في صباح يوم من أيام الشتاء البارد، استيقظت على صوت الريح يدق على نافذتي كالضيف الذي يطرق الباب. كان الجو بارداً فعدت إلى النوم لكن وإذا بهاتف البيت يرن فاستيقظت مرة أخرى ورددت على الهاتف، ويا للمفاجأة! إنها صديقتي التي لم أرها منذ زمن طويل ، فقد سافرت إلى أم الدنيا حيث تسكن أمها هناك، ففرحت كثيراً ولم اصدق ما سمعت والأهم من ذلك أنها ستأتي اليوم اجل اليوم لكن الخبر الذي أسعدني كثيراً وكدت أطير فرحاً عندما سمعته هو أنها تريدني أن اذهب معها في نزهة إلى الحديقة التي رأينا بعضنا فيها آخر مرة كي نستعيد ذكرياتنا القديمة.
أغلقت الهاتف مع أنني لم أرد ذلك فانا كنت أريد سماع صوتها منذ زمن لكن لا بأس فلحظة اللقاء اليوم. ستأتي لحظة اللقاء كما أتت لحظة الفراق، يا لك من عجيب يا زمن! تفرق وتجمع . لكنني صرت أفكر ماذا أفعل عندما أراها هل أذهب واحضنها أم استقبلها بالدموع وكيف سنستعيد ذكرياتنا هل بالصور أم بالكلام أم فقط بالنظر إلى الحديقة، وهل هي مشتاقة لي كما أن مشتاقة لها؟.
بعد ساعتان ستأتي لحظة اللقاء، انتظرت هذه الساعة بفارغ الصبر مرت الدقائق والثواني وها هي ساعة اللقاء قد وصلت، ذهبت وارتديت ملابسي وجمعت بعض الصور وخرجت من البيت أركض إلى الحديقة. وصلت هناك وذهبت إلى الشجرة التي كنا نلتقي عندها كلما ذهبنا هناك، فرأيت من بعيد فتاة تلتفت حولها، فعلمت أنها هي فحضنتها بقوة لشدة شوقي إليها.فرحبت بها وقلبي يخفق بشدة لفرحتي بقدومها. ولكنني شعرت بأن الجو يبرد والرياح تشتد والغيوم السوداء تملأ السماء حتى جعلته كالبساط الأسود، وفجأة شعرت ببعض قطرات المطر تلامس جبيني ، لم يعجبني ذلك لأنني لم أرد ان أعود إلى البيت. وإذا بصديقتي تقول: هيا نجلس تحت الشجرة ونستعيد ذكرياتنا أيام ألطفولة فصرنا نتحدث والمطر يشتد غزارة كأنه يصغي إلينا، وإذا بها تقول: أتتذكرين عندما كنا صغاراً كيف كنا نأتي هنا عندما يهطل ألمطر فنملأ ملابسنا بالوحل ليعاقبنا أهلنا فيما بعد، أتتذكرين؟. فقلت لها:كيف لا أتذكر تلك الأيام، أتذكر كيف كان يوبخنا أهلنا توبيخاً شديداً لكن فرحتنا تنسينا عقابهم. وصرنا نتذكر أحداث لم أفكر يوماً أنها في يوم أنها في يوم من الأيام لن تكون سوى ذكريات جميلة. ولم ننتبه للوقت فقد سرقنا الحديث لكن بعد أن توقف المطر، جذبنا منظر القوس قزح في ألسماء كان يشع وهو يحمل بين ألوانه الساحرة ذكرياتنا ألجميلة. كانت أسراب الحمام تحلق أمامه وكأنها تقول لنا إلى اللقاء، فصرنا نلوح لها بأيدينا ، وقطرات ألمطر تسقط على وجهي من على ورق الشجرة.
فرأيت من بعيد رجلاً يناديني باسمي، أنه أبي جاء ليصطحبنا للبيت، ذهبنا إلى ألبيت بملابسنا المبللة، دخلنا ونحن لم نكمل حديثنا بعد. وعند المساء جاءت أمها لتأخذها إلى الفندق، لم أرد أن تذهب لكنها وعدتني بأن تأتي غداً إلى بيتي، ودعتها وأنا أبتسم ابتسامة تحمل الكثير من المعاني، لكن كما توجد هناك لحظة وداع هناك لحظة لقاء.
ألاسم:ولاء حازم أبو فول
كتابة:ولاء حازم أبو فول